القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة الوحش ذو الواحد وعشرون وجهاً

 بقلم : ردينة العتيبي


من يكون هذا الوحش الذي دوخ اليابان ؟


في مارس من عام 1984, قام رجلان مقنعان باقتحام منزل إيزاكي كاتوهيسا المدير التنفيذي لشركة غاليكو إحدى شركات المواد الغذائية العملاقة  في اليابان و قاموا بتقييده أمام عائلته ثم أخذوه إلى مستودع مجهول و وضعوه هناك ثم اتصلوا بالشركة وطلبوا فدية 100 مليون ين ياباني و 100 كيلو من السبائك الذهبية للإفراج عنه, لكن لحسن الحظ استطاع إيزاكي الهروب قبل دفع الفدية.
هذه لم تكن إلا بداية لأحداث غريبة قام بها مجموعة اشخاص او شخص واحد يدعوا نفسه : (الوحش ذا الواحد وعشرون وجهاً) وهو أسم مأخوذ من سلسلة تحقيقات قصصية شهيرة في اليابان.



ساتوشي يوماتسو,وقائع,سطو مسلح


ايزاكي كاتوهيسا .. تمكن من الفرار


في ابريل تم إشعال النار في السيارات المتوقفة خارج شركة غاليكو و تم إحراق كامل البيئة المحيطة بها, ثم بدأ الوحش بإرسال الرسائل. أُرسلت أول رسالة مع  وعاء بلاستيكي يحوي حمض الهيدروكلوريك كتهديد للشركة و موظفيها بإحراقهم, كانت الرسالة موقعة باسم الوحش ذا الواحد وعشرون وجهاً, تخبره بأن مجموعة من الحلويات التي تصنعها الشركة تم تسميمها بالسيانايد, فأجتمع أعضاء الشركة ليروا ما يمكن فعله بشأن ذلك, و قرروا سحب جميع حلوياتهم من المتاجر من كامل اليابان, و كان هذا بمثابة كارثة كلفت الشركة أكثر من 21 مليون ين, هل كان الرقم مجرد مصادفة؟ ربما, و أفقدت هذه الكارثة 400 عامل بدوام جزئي وظائفهم.

كانت هذه إشارة إلى أن شركة غاليكو كانت مستهدفة من قبل احدهم, فرفعت الشرطة من طاقاتها التي بدأتها حين اختطاف إيزاكي لمعرفة من خلف هذه الأفعال التي تستهدفه هو و شركته و موظفيه. سخر الوحش من الشرطة في رسالة فصل فيها طريقته في الدخول، و الآلة الكاتبة التي استخدمها لكتابة رسائله و أين وجد الحاوية مع الحامض. جابت رجال الشرطة البلاد بحثاً عنه، وخرجت فارغة اليدين.

استمرت الرسائل تصل الى شركة غاليكو حتى وصلت آخر رسالة تقول : ( إننا نسامح غاليكو) ثم توقفت المضايقات التي تتعرض لها الشركة ليتجه الوحش لابتزاز شركة أغذية أخرى تدعى موريناغا. وفي أكتوبر أرسل رسالة إلى الصحافة موجهة الى جميع الامهات في اليابان, يقول فيها انه سمم 20 من علب الحلوى التابعة لشركة موريناغا ووضعها في أرفف المتاجر في اليابان. جابت الشرطة جميع أنحاء البلاد، وتمكنت من استردادها. و كان من السهل التعرف عليها لأن الإرهابي كان مهذباً و ودوداً حيث صنفها بعبارة "خطر: يحتوي على مواد سامة".

التقطت كاميرا المراقبة صورة غير واضحة للمشتبه به


التقطت كاميرا الفيديو في أحد محلات البقالة رجلاً يضع حلوى على احد الرفوف, وكان الرجل يرتدي قبعة تغطي وجهه و لم يكن من السهل تحديد هويته. كان إختطاف إيزاكي تم على يد رجلين , بالإضافة الى الرجل الذي في المتجر والذي لم يكن معه شريك, و لم تكن الشرطة جازمة كم شخصا خلف هذه الأفعال.

كانت الشرطة يائسة و بعد مرور وقت قصير قام الوحش بتوسيع دائرة مراسلاته, وأرسل إلى احد الصحف اليابانية الرسالة التالية :

(أعزائي ضباط الشرطة الأغبياء. لا تكذبوا. تبدأ جميع الجرائم مع كذبة كما نقول في اليابان. ألا تعرفون ذلك؟ …. يبدو أنكم في حيرة ).

واصلت الشرطة تعقبها لبعض القرائن التي كانت لديها, لكنها ظلت في حيرة حتى أواخر يونيو من نفس العام في صيف عام 1984 وسع الوحش أنشطته في طلب الفدية لتشمل شركات حلويات أخرى، ومصنعي المواد الغذائية المتنوعة, وقال انه سيضع حداً لأنشطته مقابل 50 مليون ين.


طالب برمي المال من القطار 

طلب الوحش ان يتم قذف الطرد الذي يحوي المال من قطار مسرع نحو مدينة كيوتو. وسيتم تحديد موقع إلقاء من خلال راية بيضاء ستكون موجودة على الطريق. تم جمع المال واستقل القطار شرطي متخفي وأخذ يبحث عن الراية لكنها لم تظهر. و لكنه لاحظ وجود رجل يتصرف بغرابة على متن القطار, كان رياضي البنية لكن أكثر ما لفت انتباه الشرطي هو عينيه اللتين كما قال الشرطي (مثل عيني الثعلب), ورغم كل الجهود التي بُذلت لإبقائه تحت المراقبة إلا انه استطاع ان يتملص من محققي الشرطة في محطة كيوتو. و في نوفمبر قام الوحش بطلب فدية أخرى يتم إلقاءها من القطار و لكن الجهود فشلت مرة أخرى في القبض على أي شخص.

شوهد نفس الرجل الغامض مرة أخرى في وقت لاحق، في سيارة أثناء عملية خداع يقوم بها. لكنه هرب، و وجدت الشرطة السيارة، و اكتشفت انه كان يستخدم جهاز الإرسال والاستقبال الإذاعي للاستماع إلى كل بلاغات الشرطة خلال تلك العملية التي كان يعمل عليها.



الشرطة اصدرت ملصقا باوصاف الوحش ..


أصدرت الشرطة ملصق مطلوب بناءً على لقطات الفيديو السابقة من المتجر ووصف الرجل في قطار كيوتو،. لكن لا أحد أتى للتعرف على المشتبه به. واستمر التحقيق.عذب الوحش العديد من عمالقة الشركات ، سخر من الشرطة، وسار في الشوارع كأحد أكثر المطلوبين في العالم، لكن لم يقع أي أحد منهم في قبضة الشرطة.

شعر المفتش الذي كان يرأس المطاردة بالإحباط لهزيمته أمام هذا الوحش, فقرر الاستقالة, لكنها كانت استقالته من الحياة فانتحر مشعلا النار في نفسه.

ادعى الوحش أن المفتش هو أول ضحية له،  على الرغم انها لم تكن بشكل مباشر الا انه كان مدفوعاً الى ارتكابها بسبب التحقيق الذي كان يسير على غير هدى.


الشرطة عجزت عن الايقاع بالحوش فأنتحر المفتش المسئول عن القضية لشعوره بعار الفشل ..


قرر الوحش ان يختفي كما ظهر مليئاً بالغرور, و أن يتوقف عن عبثه و على ما يبدوا انه كان ينظر إلى كل ما يفعله على انه مجرد لعبة. و أرسل آخر رسالة إلى وسائل الإعلام، يسخر من انتحار المفتش و يبلغ الجميع فيها عنه توقفه ويقول فيها:

(لقي مشرف الشرطة مصرعه. أنه تصرف غبي يصدر منه! ليس لدينا أي أصدقاء أو مكان سري للاختباء فيه …. ما الذي كانت الشرطة تقوم بها في السنة وخمسة أشهر الماضية ؟ لا تدعوا المجرمين مثلنا يفلتون من العقاب …. لقد قررنا أن ننسى تعذيب شركات المواد الغذائية. إذا قام أي شخص بابتزاز أي من الشركات الغذائية الأخرى فليس نحن ولكنه مقلد. نحن أشرار. وهذا يعني أنه لدينا الكثير للقيام به بدلاً من إرهاب الشركات. انه أمر ممتع أن تقوم بقيادة حياة رجل شرير)

قصة الوحش ذا الواحد وعشرون وجهاً جذبت اهتماماً إعلامياً في اليابان و كذلك انتشرت اخبارها في الصحافة الدولية, و لم يتم حل القضية أو الوصول لأي من أعضاء الجماعة إن كانت تتكون من عدد من الاعضاء, و على الرغم من ذلك أغلقت الشرطة اليابانية ملفها و لم يعاد فتحها و التحقيق فيها.

كان الوحش ذا الواحد وعشرون وجهاً شخصا ذكيا جداً استطاع ان يتلاعب بالشرطة و الشركات العملاقة بالرغم من كامل إمكانياتها المادية, لم يكن هناك سبب واضح لما قام به, لكن يبدوا ان لديه مآخذ على شركات الأغذية و أراد أن يزلزلها مادياً وان يعبث بمصداقيتها في المجتمع الياباني




تعليقات

التنقل السريع