إنطلقت في الغسق إلى البيت القديم في نقطة ليدز/نيوجيرسي , إحترق البيت في عام 1952 لكن يمكنني رؤية بعض البقايا منه .
بحثي يشير أنه بالرغم من أن العديد من الجماعات وعمليات البحث إنطلقت على مر السنين , لكن أحدا لم يتمكن من تتبع وتعقب الشيطان بنجاح , لذا قررت ألا أذهب إليه , بل سأقترب كثيرا وأتركه هو ليأتي إلي .
رغم ان الطرق في بارونات الصنوبر قذرة بشكل فظيع , لكن سيارتي الجيب لم تمانع التقدم . أوقفت السيارة قرب البيت وقررت إنشاء معسكر هناك . كان الجو باردا جدا والأرض غطيت بأكملها بالثلوج , لذا تسائلت إذا ما كان يجب أن أنتظر حتى الربيع أو أتراجع , لكن بما أنني هنا الاّن فلا مفر من البقاء . كنت مرتدية ملابس التزلج ولدي الكثير من البطانيات , بدأت بتنظيف الأرض للبدء بإشعال الحطب ... اّمل بأن لا تنطفئ النار .
كل القصص التي قد قرأتها وسمعتها تقول بأن هجمات الشيطان إستهدفت الدجاج والكلاب , لكنني لم أرغب بالتضحية بهذه الحيوانات , لذا بدلا منها فقد تسلحت ببسكويت (Oreo) و (hostess twinkies) وبعض الرقائق المثلجة وكمية من المياه الغازية . عندما بدأت النار بتدفئة المكان , ملأت حقيبة الظهر ببعض الأطعمة , أمسكت المصباح , وانطلقت إلى الغابة . الظلام دامس في هذه المنطقة , أكاد أرى الطريق بصعوبة , إستمريت باكتشاف المكان إلى أن وصلت إلى كهف ضحل قرب بركة صغيرة , يبدو هذا المكان مثاليا لنوم مخلوق خفي طول أيام الشتاء الباردة . فتحت صندوق الطعام وسكبت بعض الحبوب على طول الطريق , إنطلقت عائدة إلى المعسكر ولم أتوقف عن سكب فتات الطعام .
بعد مضي 45 دقيقة من المشي , أيقنت تماما بانني ضائعة , لعنت نفسي مئة مرة لعدم إحضاري بوصلة أو أي مرافق معي , سرت إلى الأمام أبحث عن أي شجرة مألوفة أو عن اّثار أقدام قد أكون تركتها خلفي , لكن للأسف الظلام والرياح والثلوج أخفت كل شيء , عندها يئست تماما وبدأ الخوف بالتسلل إلي , بعدها إلتفت إلى اليسار ورأيت ضوءا مشعا , إقتربت منه بحذر و ....
نعم سيارة الجيب والنار المشتعلة والمعسكر , وجدت طريق العودة أخيرا , كم أنا محظوظة , لقد كنت امشي بحلقة مستديرة حول المكان , المهم أنني وصلت بسلام .
وضعت كمية من المياه الغازية بالوسط , أعلم أنه لن يقاوم كل هذا .. كل ما علي فعله الاّن هو الإنتظار فقط , والبقاء دافئة قدر الإمكان , لكن للأسف النار لم تستطع أن تذيب شعوري الشديد بالبرد بعد الجولة الطويلة التي قمت بها , لذا تسلقت سيارتي الجيب وأشعلت السخان .. اّمل أن يقدر الشيطان هذه الموسيقى الرائعة , وضعت سيدي الموسيقى بمشغل الأقراص و استمتعت باستراحة قصيرة على صوت الرياح , شربت بعضا من المياه الغازية وأكلت ساندوتش زبدة الفول السوداني , كل هذا ولم أغفل للحظة عن مشاهدة الأشجار المظلمة بالمنطقة التي سكبت بها الطعام .. أرجو أن يظهر الوحش قريبا , بدأت أفكر في لو أنني تركت لنفسي بعض البسكويت عندها فجأة ... هناك حركة عند الأشجار .
بأسرع ما أمكنني أقفلت محرك السيارة وفتحت النافذة , بدأت بالبحث عن كاميرتي الرقمية . لم يعد هناك أثر لأي أصوات باستثناء صوت تنفسي , هدوء مرعب ثم .. الشجيرات أصدرت حفيفا ثانيا , لكن حتى الاّن لا يمكنني أن أرى أي شيء سوى الظلام الدامس , وفجأة .. صرخة عالية إنطلقت من هناك , لا يمكنني أن أصفها إلا كصوت قطة وقعت في خلاط , إستمرت الصرخة المخيفة حوالي الدقيقة فقط , لكنها كانت طويلة كفاية لتجعلني أتمنى أن أعود إلى بيتي وأستمتع بدفئ الفراش بدلا من وجودي وحيدة في هذه الغابة الباردة , كمراسلة وهاوية للغامض والغريب أحببت أن أعرف من الحيوان الذي يمكنه أن يصدر مثل هذه الصرخة , وكإنسان منطقي أردت أن أكون أبعد ما يمكنني عن هذا المكان .
قبل أن أتمكن من الخروج من هذا الجحيم , شيئ ما خرج من الأشجار إلى الخلاء , وعلى ضوء النار أمكنني أن أرى حيوانا يقف على أرجله الخلفية , كل جزء من جسمي تمنى أن يكون ما أراه غزالا أو حتى دب , لكنه لم يكن كذلك . كان تقريبا بطول اربعة أقدام , مال بجسده ليحفر بالثلج بحثا عن بقايا الطعام , ثم اعتدل , على الأقل يمكن أن أقول أنه كان بطولي تقريبا , كان يملك رقبة طويلة ورأس مربع تقريبا وشيء يتحرك خلفه . بيدان ترتعشان فتحت غطاء الكاميرا وأشعلت أضواء السيارة . قفز فجأة وأطلق صرخة ثانية , ثم اندفع باتجاه الضوء بسرعة مهاجما , التقطت صورة بأسرع ما امكنني قبل أن أغلق نافذة السيارة , ثم بدأت بالنظر النظرة الأولى عليه .
كان جسده مكسو بالفراء المغطى بالثلج . اذرعه ضعيفة لكن أرجله قوية جدا , رقبته طويلة وسميكة ومغطاة بفراء بني مائل إلى الحمرة , يبدو انه يبدل فروه خلال الشتاء لان هناك بقع من الجلد الرمادي العاري ظهرت بين الشعر . لديه عيون كبيرة وأسنان حادة جدا , جرى بسرعة هائلة حتى أنه أغلق المسافة بيننا في بضع ثواني فقط , اصطدم بالسيارة من الأمام بعنف , إهتزت السيارة من أثر الصدمة , كان يتراجع ويهاجم باستمرار , استطعت ان ارى أجنحته المطوية , أخيرا قفز على مقدمة السيارة ولم أعد أرى إلا أرجله ونصفه السفلي على أضواء السيارة , بدا هائجا , يضرب هنا وهناك ثم فجأة رفس زجاج السيارة برجله , تصدع الزجاج و صرخت من الرعب . حاولت الرجوع إلى الخلف , ركبتي تدفع عجلة القيادة وتستند على بوق السيارة (Horn) .
استقام الشيطان فجأة وأخذ يلتف من كل جانب ويجلد سيارتي بذيله النحيل , أخيرا فتح أجنحته الشبيهة بالمضرب ودفع برجليه غطاء السيارة وقفز من على المنحدر , طار المسافة كلها ثم هبط على الثلج , وأخذ يجري عائدا إلى الغابة المظلمة , عندها وبسرعة أشعلت محرك السيارة و تراجعت بعنف إلا الوراء , فقد إختفى فضولي تماما في هذه اللحظة , وكنت أريد الهروب أبعد ما يمكنني من هذا المكان الرهيب , خرجت من المنطقة , وإنطلقت عبر الطرق القذرة بدون أن أبطىء من سرعتي , وصلت إلى فندق قريب واوقفت السيارة .
في الصباح رأيت الضرر الفظيع الذي لحق بسيارتي الثمينة , كأنني تعرضت لهجوم حيوان الأيل , الحاجز الأمامي كان ملتويا , والزجاج محطما , أيضا أجزاء من السخان و بقع من الدهان كانت مفقودة , أخذت بعض الصور وتفحصتها بالفندق .
ثم توجهت عائدة إلى مكان المخيم لعلي أرى بعض الأدلة . الأرض بدت وكأنها ديست من قبل قطيع من الجواميس , أثار أقدام كثيرة وجدتها قرب الأشجار , ونار المخيم كانت قد انطفأت منذ ساعات , أيضا قطع من المعدن وبقع الدهان تفرش الأرض حيث كنت أقف بسيارتي , و قطع كبيرة من الطعام غير موجودة .
هل ما واجهته هو شيطان جيرسي ؟؟ هل كان انسان مجنون مشوه ام انه نوع خاص من الحيوانات لم يسجل بعد ؟ نظرت إلى الأدلة وأيقنت أن البرد والمنشطات لم تجعلني أتخيل هذا الهجوم المخيف , لقد هوجمت فعلا بشيء ما بالغابة ذلك المساء , هل هو فعلا شيطان بالغ من العمر 250 سنة ؟ هل هو الطفل الثالث عشر الملعون ؟ لم أكن سأخاطر بالبقاء أكثر لإجابة كل هذه الأسئلة , مهما يكن ما واجهته فإنني لم ارد مقابلته مرة ثانية , يكفي أنني اقتنعت بوجوده .
قصة مخيفة وجميلة
ردحذف